الريادة والمثابرة في تقليد جديد — لبنى العليان تعيد تعريف قيادة المرأة السعودية في عالم الأعمال

في مجتمع تقليدي شهد تغيّرات كبيرة في العقود الأخيرة، برزت شخصية نسائية سعودية استطاعت أن تخطو خطوات ثابتة نحو تمكين المرأة في سوق العمل، وأن تتولى مناصب قيادية كانت حتى وقت قريب شبه محصورة بالرجل. ولذلك إنها لبنى العليان التي بفضل تعليمها وحضورها العالمي، مع نظرتها التنموية تجاه دور المرأة، أصبحت رمزاً للريادة في المملكة العربية السعودية وفي منطقة الشرق الأوسط. ولكن في هذه المقالة نسلّط الضوء على مسيرتها وإنجازاتها ورؤاها، مع تأمّل في تأثيرها على بيئة الأعمال ومستقبل المرأة في السعودية.
من هي لبنى العليان ويكيبيديا؟
ولدت لبنى بنت سليمان العليان عام 1955م في المملكة العربية السعودية. وهي الأصغر بين أبناء رجل الأعمال المعروف الشيخ سليمان العليان. من نشأتها في بيئة حافلة بالتحديات، تربّت على رؤية ولذلك العائلة التي أسّستها مجموعة العليّان التي بدأت كمشروع شحن عام 1947م وتحولت إلى مجموعة متعددة الأنشطة.
فيما يخص تعليمها، حصلت على درجة البكالوريوس في علم الزراعة من جامعة كورنيل بالولايات المتحدة الأمريكية ثم نالت ماجستير إدارة الأعمال من جامعة إنديانا. ولكن هذه الخلفية العلمية شكلت أساساً لنهجها المهني الذي لا يقتصر على التلقين التقليدي، بل على فهم الأعمال والاستثمارات ضمن منظور عالمي ومعاصر.
المسيرة المهنية والإنجازات
انطلقت لبنى العليان في مجال الأعمال لاستكمال مسيرة العائلة لكنها لم تكتفِ بأن تكون مجرد وريثة؛ بل دخلت عالم البنوك والاستثمار والعمل المؤسسي والتطوير الإداري.ولذلك عملت في البنك الأميركي “مورغان غوارنتي” في نيويورك بين 1979 و1981 قبل عودتها إلى السعودية للعمل في مجموعة العليّان.
- مُنتخَبة عضوة في مجلس إدارة بنك سعودي هولندي لتصبح أول امرأة سعودية تنتخب في مجلس إدارة شركة سعودية مدرجة.
- تولّت منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة العليّان للتمويل (OFC) حتى تقاعدها في 2019م ثم شغلت منصب رئيس مجلس إدارة البنك السعودي البريطاني («ساب») اعتباراً من يونيو 2019م.
- أسّست برنامج “العليّان للعمل الوطني النسائي” (On WARD) بهدف تمكين المرأة السعودية في سوق العمل.
وبفضل هذه الإنجازات حصلت على عدة جوائز وتكريمات من بينها الوسام الملكي السويدي للنجم القطبي من الطبقة الأولى ووضعت ضمن قوائم أقوى النساء تأثيراً في العرب والعالم.
رؤيا وتمكين المرأة
ما يميز مسيرة لبنى العليان ليس فقط صعودها المهني، بل أيضاً رؤيتها القوية حول تمكين المرأة السعودية في الاقتصاد. ولذلك فقد أكّدت أن تحقيق المساواة ليس مجرد شعار، بل ينبغي أن يكون ناتجاً عن نظام مبني على الجدارة والاستحقاق بغضّ النظر عن الجنس.
كما قالت في إحدى المقابلات: “تحتاج إلى يدين للتصفيق … وهذا تدرّج طبيعي لبيئة الأعمال”. وقد أدركت أن نجاح المرأة السعودية لا يمكن أن يكون بمعزل عن البيئة المحيطة – من تعليم وتدريب، ودعم مؤسّساتي ومجتمعي – وأن المستقبل يتطلّب العمل جنباً إلى جنب بين الرجل والمرأة وليس بديلاً عن أحدهما الآخر.
من هذا المنظور، ساهمت في فتح المسارات للمرأة في قطاع الأعمال السعودي، وفي تعميم فكرة أن المشاركة الاقتصادية للمرأة ليست «تماشياً مع التوصيات»، بل ضرورة تنموية.
التأثير والقدوة
إن التأثير الفعلي للعلّيان يتجلّى في كونه قدوة حيّة: امرأة سعودية قادت مجموعة استثمارية كبيرة، وشغلت مجلس إدارة بنك، وأسّست برامج تمكين نسائية. هذا الأمر زاد من مستوى الطموح لدى نساء المملكة، وغيّر بشكل تدريجي الثقافة المجتمعية تجاه مشاركة المرأة في الاقتصاد.
كما أن المواقف البسيطة التي عبّرت عنها – مثلاً حين قالت في مقابلة إنها تفضّل العيش في منزل بسيط بالرغم من ثروتها الكبيرة – تُبرز رؤية متوازنة للنجاح: ليس مجرد جمع الثروات، بل التواصل مع المجتمع والبقاء متواضعة. كما أنها بموقعها الدولي، في مجالس إدارة عالمية، أو منصّات الاستشارات والمنتديات الاقتصادية، تساهم في ربط الاقتصاد السعودي بالمشهد العالمي، ما يمنح نموذجاً للريادة لا محلياً فحسب، بل عالمياً أيضاً.
التحديات والآفاق
رغم ما حققته، تواجه مسيرة تمكين المرأة في السعودية تحديات مستمرة: من بنية سوق العمل، إلى الثقافة المجتمعية، إلى البنى المؤسّسية التي تحتاج إلى مزيد من التطوير لإتاحة فرص متساوية للنساء. ورغم أن العليان نفسها لا تدعو لتعيين النساء بشكل مصطنع، بل لنظام «محايد جنسياً»، فإن التغيير يفرض العمل على عدة محاور: التعليم المبكّر، وتوسيع فرص التدريب، وتغيير الفكر الإداري في الشركات والمؤسسات.
من جهة أخرى، تمثّل السعودية اليوم في مسار رؤية 2030 تحوّلاً في هذا الاتجاه، والوجود القيادي لامرأة مثل لبنى العليان يعزّز هذه المنجزات ويُشجّع على استمرار التغيير. وفي المستقبل، يمكن أن نشهد حضوراً أكبر للنساء في قطاعات المال، والتكنولوجيا، والاستثمار، مما يعيد تشكيل هيكل الاقتصاد السعودي بطريقة أكثر تنوعاً وشمولاً.
خاتمة
في خاتمة هذا المقال، يمكن القول إن لبنى العليان هي أكثر من سيدة أعمال ناجحة إنها رمز للتحول الاجتماعي والاقتصادي في المملكة. ولكن من نشأتها وبيئتها إلى تعليمها العالمي ومن مسيرتها المهنية القوية إلى رؤيتها في تمكين المرأة، صنعت مساراً يُحتذى به.
ولعل أبرز ما يقدّمه هذا النموذج هو التأكيد على أن التغيير الحقيقي لا يعتمد على الإجراءات العليا فقط، بل على من يفعلها من داخل المجتمع، ويحوّلها إلى واقع ملموس. ولذلك مع استمرار الحراك نحو اقتصاد أكثر شمولاً وتمكيناً يبقى السؤال: كيف يمكن لمزيد من النساء السعوديات أن يسلن هذا الدرب؟ وكيف يمكن للمؤسسات أن تستجيب ليكون حلم الشراكة الاقتصادية بين الجنسين واقعاً؟
في النهاية، قصة لبنى العليان تدعونا للتفكير ليس فقط في أماكن القيادة التي اشغلتها، بل في الأثر الذي خلّفته، والمستقبل الذي يمكن أن يُبنى بمشاركة الجميع الريادة والمثابرة في تقليد جديد — لبنى العليان تعيد تعريف قيادة المرأة السعودية في عالم الأعمال؟
شاهد أيضاً: ياسمين عبد العزيز ويكيبيديا | السيرة الذاتية الكاملة لمسيرة نجمة الكوميديا المصرية

